العلاج بالضوء لم يعد فقط مجرد طريقة متبعة للعلاجات التجميلية أو تحسين جودة النوم، بل أصبح اليوم أيقونة بارزة في عالم الطب النفسي، حيث برز العلاج الضوئي باعتباره فكرة بسيطة ولكن بتأثير ضخم، فكيف يمكن علاج الاضطرابات النفسية بالضوء؟ وما فوائده؟ وهل له آثار جانبية محتملة؟ ومن خلال السطور القليلة المقبلة سنجيب على هذه التساؤلات بالتفصيل.
ما هو العلاج بالضوء للاكتئاب ؟
العلاج الضوئي هو تقنية علاج نفسي غير دوائي، يتم من خلالها تعرض الشخص المصاب بالاضطرابات النفسية إلى ضوء اصطناعي، قد تم تصميمه خصيصًا ليضاهي أشعة الشمس الطبيعية، بحيث يخدم عمليات تحفيز الدماغ على إنتاج المواد الكيميائية التي تحسن الحالة المزاجية.
العلاج بالضوء قد يكون مفيدًا بالنسبة للحالات التي تعاني من بعض أنواع الاكتئاب واضطرابات النوم والأرق المتعلق بالساعة البيولوجية، مما ينعكس بالسلب على جودة النوم، وبالتالي الإصابة بالحالات النفسية المختلفة مثل التوتر والقلق وتغير المزاج.
ويستهدف العلاج الضوئي في علاج الاضطرابات النفسية تعويض الجسم عن حاجته إلى التعرض لأشعة الشمس المباشرة، حيث يحدث نقص في هذا الاحتياج بشكل موسمي خلال فصل الشتاء وهو ما يطلق عليه الاكتئاب الموسمي.
كيف يتم العلاج بالضوء؟
أما عن آلية العلاج الضوئي فإنه يتمثل في وجود صندوق ينبعث منه الضوء القوي بسطوع قد يصل إلى 10,000 لوكس، والذي يوازي ضو الشمس بشكل كبير، ويتم جلوس الشخص بالقرب من هذا الصندوق خلال مدة تتراوح ما بين 20 دقيقة إلى 40 دقيقة بشكل يومي، وغالبا ما يتم عمل الجلسات خلال الصباح الباكر، وتجدر الإشارة إلى أنه تم تصميم هذا الضوء بحيث لا يحتوي على أشعة فوق بنفسجية، حتى يكون آمنا على البشرة والعينين.
وعندما يتم التعرض إلى هذا الضوء تحدث عملية التحفيز للمستقبلات الضوئية في العينين، والتي تقوم بدورها بإرسال إشارات بشكل مباشر إلى الدماغ، لاسيما تلك المنطقة المسؤولة عن تنظيم إفراز هرمونات السعادة وتنظيم الساعة البيولوجية، وبالتالي مع تكرار تلك الجلسات الضوئية تنتج آثارها الإيجابية فيما يتعلق بتحسين الحالة المزاجية، رفع مستوى النشاط والطاقة لدى الشخص، وأيضًا تنظيم النوم.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاج بهذه الطريقة لا تتم بالتزامن مع الأدوية، ولهذا فإن إثارها الجانبية طفيفة قد تحدث وقد لا تحدث، وتتمحور حول إجهاد بسيط للعينين أو صداع خفيف في بداية الخضوع للجلسات العلاجية، ولكن يمكن التغلب عليها وتفاديها من خلال تقليل مدة الجلسات أو تقليل حدة الضوء بما يتوافق مع راحة العين.
قد يهمك: أضرار الجلوس الطويل.. شبح مخيف يهدد صحتك
فوائد العلاج بالضوء للاكتئاب
للعلاج الضوئي فوائد عدة، يمكن اختزالها في النقاط التالية:
تحسين اليقظة والانتباه
أثبتت دراسة حديثة تم إجراؤها حول تأثير العلاج بالضوء الساطع إلى أن العلاج بهذه الطريقة لا يعالج فقط أعراض الاكتئاب، بل أيضًا يؤدي إلى تحسين معدل اليقظة والانتباه ورفع كفاءة التركيز، وهو ما يمكن الاستفادة به في تحسين إنتاجية العمل أو الدراسة.
علاج أعراض الاكتئاب الموسمي
يصاب الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الموسمي بصعوبة في تنظيم إفراز هرمون السيروتونين وهو أحد هرمونات السعادة، ورفع معدل إفراز الميلاتونين، وذلك يؤدي بدوره إلى الإصابة بالتوتر والحزن والخمول وفقدان الرغبة، وهنا يظهر الدور العلاجي لجلسات الضوء، حيث يقلل من الأعراض المصاحبة للإصابة بالاكتئاب الموسمي.
تنظيم الساعة البيولوجية
التعرض المنتظم لجلسات العلاج بالضوء للاكتئاب يحسن من إفراز الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الساعة البيولوجية في الجسم، وبالتالي ضبط الإيقاع اليومي بشكل طبيعي، من خلال تحسين جودة النوم وعدد ساعاته وتخفيف الأرق المصاحب للاكتئاب.
علاج اكتئاب الحمل وما بعد الولادة
أظهرت دراسة حديثة أن الاكتئاب الذي تصاب به النساء خلال فترة الحمل أو ما بعد الولادة باعتباره حالة شائعة فإنه يتم تركه دون علاج، ولكن يمكن الاعتماد على طريقة العلاج بالضوء لتخفيف حدة الأعراض حتى تمارس المرأة نشاطها اليومي بشكل طبيعي ومزاج جيد، فهو فعال في مثل هذه الحالات.
علاج أنواع مختلفة من الاكتئاب
العلاج بالضوء شديد الفاعلية في علاج الاكتئاب الموسمي، وقد أضافت أبحاث جديدة أنه فعال أيضًا في علاج أنواع أخرى من الاكتئاب بشكل عام، فالتعرض للضوء الساطع المضاهي لضوء الشمس تم إثبات فوائده كعلاج مكمل وفعال في اضطرابات الاكتئاب الأخرى التي تختلف عن الاكتئاب الموسمي.
تحذيرات هامة لـ العلاج بالضوء للاكتئاب
العلاج بالضوء حاله كحال أنماط العلاج الأخرى، من حيث ملائمته لأشخاص وعدم ملائمته لآخرين، ولكن الغالبية العظمي من الحالات يمكنهم التعرض له بأمان، حيث تحتوي صناديق الضوء على فلاتر تعمل على إخراج الضوء خاليًا من الأشعة الفوق بنفسجية الضارة بصحة الجلد والعينين.
ولكن هناك أشخاص يحذر خضوعهم لجلسات العلاج بالضوء للاكتئاب، وهم:
- الذين يتناولون الأدوية التي تزيد من الحساسية للضوء، تلك الأدوية مثل مضادات الذهان، والمضادات الحيوية.
- الأشخاص الذين يعانون من تلف بالعين، يمتنع عليهم التعرض للضوء الشديد لأنه سيزيد من درجة الخطر.
الأعراض الجانبية للعلاج بالضوء
هناك أعراض طفيفة قد تنجم عند التعرض للعلاج بالضوء، ويكن يمكن تفاديها من خلال البدء بجلسات قصيرة نسبيًا، ثم زيادتها بشكل تدريجي، وتلك الأعراض هي:
- الشعور بالغثيان أو الدوار نتيجة للتعرض للضوء الساطع لفترة طويلة.
- الشعور بضغط في الرأس أو صداع خفيف مؤقت.
- جفاف في العين أو الشعور بالحرق وعدم الارتياح.
